4:39 ص
ابو البرآء
قــلب الأم |
|
ابراهيم عبدالعزيزالمغربي |
في بيت متواضع البناء ، يطل على حقل القمح بلونه الخلاب وتلـُفه الأشجار، وبعض الورود التي تكسو المكان بجمالها . |
يعيش خالد مع أسرته الصغيرة . |
تعود من أمه التلقين لآيات القرآن مع نطقه للحروف الأولى ، |
وأخذ يحاكي والديه بأداء الصلوات منذ تحركت أعضاؤه خارج مهده الصغير . |
على أعتاب المرحلة المتوسطة ، بدأت أمه حصاد تعبها ، وحرصها عليه .. |
وفي ليلة أوت إلى الفراش ، بعد المعاناة من العمل بالمنزل طيلة النهار ، مع مراعاة واجبات خالد ومتطلباته . |
الوقت بعد منتصف الليل ، وقبل الفجر . استدعاها التعب للتقلب في فراشها ، |
وفي لحظتها شعرت بهمس أقدام خالد بصالة المنزل . نفض النوم نفسه من عينيها . فتحت جفنيها على أقدام خالد وهو يدخل غرفته . الوقت متأخر ، طردت الخواطر المتزاحمة نومها : لماذا يقوم من نومه هذه الساعة ، وما عهدتها عليه ؟ آااه . لقد كبر خالد . لقد أفسد أصدقاء السوء ما تعبت من أجل ثباته عليه . |
تــُـرى هل قام هذا الوقت المتأخر لمشاهدة التلفاز ؟؟ ما عهدته مشاهدًا لمُحـرمات . |
ألا يمكن أن يكون أحد زملائه بالمدرسة أعطاه شريط فيديو ، وظن أن أنسب الأوقات لمشاهدته ونحن نيام ؟؟ |
لا.. لا . إنه من المؤكد التليفون . إنه على الأرجح سيتصل بـــــ ....... . لا . |
خرجت الخواطر تدفع مشاعرها دفعـًا ، وما برد قـلبُها إلا بدمعات حزينة مفعـمة بالحب والخوف على ولدها خالد . |
يــاااه . للمرة الأولى أشعر أنه كبـر . |
أين حصاد السنوات من التوجيه والتربية . ترى هل قصرت معه ؟ هل يمكن أن يضيع كل ذلك في وقت قصير ، على غفلة منا ؟؟ |
كل هذا الشعور وغيره تدفق في لحظات قصيرة ، |
تدفق وهو مشوب بالألم الذي اعتصر قلبها عندما ظنت أنها سترى ابنها في لحظة الضعف ، وما كانت تظن أن ترى ما تعيشه الآن . |
استجمعت قواها النفسية ، وسحبت جسدها المثقل من سريرها . كتمت أنفاسها ، |
وأخذت خطوات قصيرة نحو غرفة خالد . وقد أعياها التفكير : |
هل أفتح الباب عليه دون استئذان ؟؟ لا .. لقد عودته أدب الاسلام بالاستئذان . |
ــ هل أصـيح به بصوتٍ عالٍ ليعرف الجميع لوعتي وحسرتي ؟؟ لا . |
إنه الموقف الأصعب الذي أتعرض له . |
كل ذلك ورجلاها تقتربان من الباب . استجمعت أنفاسَها ، اقتربت من باب غرفة خالد فما شعرت إلا بيدها على مزلاج الباب وقد أصابتها رعشة استمدت قوتها من ضربات قلبها المتتابعة . |
نظرت فوجدت نظرها وقد استجمع أركان الغرفة كلها في لحظات . |
أقدامها على عتبة الغرفة . لا أثر لحركة بالغرفة . النور خافت . |
لم تشعـر إلا وقد أيقظها صوتها العالي بترديدها : الحمد لله .. الحمد لله ... |
لقد وجدته فوق سجادته يصلي ركعتين قبل أن يؤذن المؤذن لصلاة الفجر. |
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق